حكاية الوردة القبيحة

ثم هناك كانت تقف وردة، في خيالي، تبزغ من أرض خيالية، في مكان خيالي، وردة لونها أحمر

ثم فكّرت، من أين جاءت هذه الوردة بلونها؟؟

 

ثم سألتها بفضول: من أين أكتسبتِ لونكِ أيتها الوردة؟؟؟

فقالت لي: لا أعلم!؟

قلت لها: إنكِ حمراء

فقالت: لا اعلم ما هو لوني!؟ لكني أحب اللون الأزرق

فقلت لها: إن كنتِ تحبين الأزرق لماذا لا تصبحين زرقاء؟؟

فقالت: لا استطيع

فسألتها مندهشًا: لكنكِ حمراء، وأنتِ تحبين الأزرق فلماذا لا تصبحين زرقاء؟

فقالت: لا أعلم

 

نظرت لها، مقطبًا حاجبيّ، غير مقتنع بأجوبتها

 

فقلت لها: من جعلكِ حمراء؟؟؟

فقالت: لا أعلم

 

استغربت منها، إذ بدت كل أجوبتها: لا أعلم.. لا أعلم.. تبا لها

 

فقلت لها: إنك وردة قبيحة هل تعلمين ذلك؟؟؟

فقالت: لا أدري إن كنتُ قبيحة أو جميلة.. أنت تعلم لأنك من تراني

فقلت: تبا لكِ انكِ أقبح وأغبى وردة رأيتها بحياتي

فقالت: لعلني ذلك، لكني لست متأكدة من هذا الشيء، أنت الوحيد الذي تعلم لأنك تراني

فقلت لها: أنا أؤكد لكِ أنكِ قبيحة لأني أراكِ قبيحة

فقالت: إذن، سأكون قبيحة لأنك تراني قبيحة

 

تلك الوردة جعلتني متوترًا وغاضبًا، أخذت نفسًا عميقًا وحاولت مجددًا معها 

 

قلت لها: هل ترين نفسكِ؟؟

فقالت: لا، إني أرى نفسي في عيون الآخرين وانطباعاتهم عني

فقلت لها: كيف ذلك؟؟؟

فقالت: انظر تلك الفتاة القادمة حين تقترب منا ستعرف

 

نظرتُ حيث أشارت لي، فوجدت فتاة تقترب منا

 

انحنت الفتاة باتجاه الوردة وسمعناها تقول: الله، هذه الوردة جميلة جدا ألوانها نضرة مشبعة بالحياة وكأن لونها يكاد ينطق 

 

نظرتُ للوردة باستغراب، وبعد أن ذهبَتْ الفتاة مبتعدة

قلت للوردة: لا أفهم لماذا قالت ذلك؟؟؟ 

سكتُّ وصرت أفكّر

ثم سألت الوردة من جديد: وأنتِ ما رأيكِ بنفسكِ؟؟

فقالت الوردة: أراني كما تراني

فقلت ساخرًا: لم أعهدكِ حكيمة أيتها الوردة

لكنها لم تعر كلامي أدنى اهتمام وبقيَتْ صامته

فقلت للوردة: لايهمني كلام الفتاة، إنني أجدكِ أقبح وردة رأيتها بحياتي بل والأقبح في كل ممكلة الورود قاطبة

 

فضحِكَتْ الوردة

فسألتها بغضب: ممّ تضحكين؟؟؟

فقالت الوردة: لأن حديثكَ مضحك أيها الجندب

 

 حينها، قفزتُ غاضبًا مبتعدًا عن الوردة القبيحة، وأنا أفكّر بأنه لابد وأنّ الورد هو أقبح شيء خلقه الله

 

 

ليلة طيور الكروان

هذه ترجمة متواضعة قمت بها لقصة ماركيز القصيرة أرجو تنال اعجابكم

<><><><>

ليلة طيور الكروان

غابرييل غارسيا ماركيز

 

كنا نجلس ثلاثتنا حول الطاولة، حين وضع شخص ما، عملة في آلة تشغيل الإسطوانات، ليعيد أغنية كانت تصدح طوال الليل. لاحقًا كل شيء حدث بسرعة، لدرجة أنه لم يكن لدينا الوقت للتفكير، أو استعادة احساسنا بالمكان حولنا. وضع أحدنا يده على سطح المنضدة، وبدت يده تتخبط، (لم نكن نستطيع رؤية اليد، لكننا سمعناها) ترتطم بكأس، ثم استند بكلتا يديه على سطح المنضدة القاسي. بحثنا ثلاثتنا عن بعضنا البعض في الظلام، وجدنا أنفسنا حين الثلاثون إصبعًا إلتقت متكومة على بعضها فوق سطح المنضدة.

فقال أحدنا

–         “هيا بنا.”

نهضنا واقفين وكأن شيئًا لم يكن. فلم يحن الوقت بعد لنشعر باليأس. وبينما نحن نعبر في الممر، بدت الموسيقى وكأنها تصرخ علينا. شمِمْنَا رائحة امرأة حزينة تجلس منتظرة، وأحسسنا بالفراغ الممتد بالممر أمامنا ونحن نتجه إلى الباب، ذاك قبل أن تستقبلنا تلك الرائحة بحفاوة، الرائحة الحامضة للمرأة الجالسة عند الباب. فقلنا:

–         “سنخرج.”

لم تردّ المرأة بأي بشيء، فسمعنا صرير الكرسي الهزاز وهي تنهض، وسمعنا صوت خطواتها على اللوح الخشبي المهلهل، وثم عودتها من جديد، بعدها صوت الباب يُغلق خلفنا. التفتنا جميعنا، هناك في الخلف كانت نسائم قاسية وحادة لفجرٍ خفيّ. قال صوت يقترب منا:

–         “ابتعدوا عن الطريق، أريد أن امضي بهذه.”  

تراجعنا للخلف، لكن الصوت الصوت قال من جديد:

–         “إنكم تسدون الباب.”

وحين حاولنا التنحّي جانبًا في كل الاتجهات، وجدنا الصوت يكلمنا أيضًا من كل اتجاه فقلنا له:

 

–         “لا نستطيع الابتعاد. فطيور الكروان فقأت أعيننا!”

 

بتلك اللحظة سمعنا عدة أبوابٍ تُفتح. أفلتَ أحدنا يده من البقية، وصار يحبو على الأرض في الظلام، يمسح الأرض بيديه، ويصطدم بكل الأشياء التي تحيط بنا. فتكلم من مكان ما بالظلام:

–         “لا بد وأننا قريبون.” ثم أضاف “هناك رائحة تأتي من صناديق تخزين بالقرب من هنا”.

حين عاد، أحسسنا بيده من جديد، ثم استندنا إلى الحائط. وثم صوتٌ جاء من الاتجاه الآخر، قال أحدنا:

–         “قد تكون توابيت.”

فقال الذي زحف بجسده إلى الزاوية، وصارت أنفاسه قريبةً منا:

–         “إنها صناديق تخزين، منذ كنت صغيرًا وأنا استطيع تمييز رائحة صناديق تخزين الثياب.”

ثم ذهبنا جميعنا إلى ذلك الإتجاه، كانت الأرض تبدو ناعمة، وطرية، بدت أرضية جيدة جاهزة للمشي عليها. وجد أحدنا يدًا، فشعرنا بملمس جلد ذراعٍ نابضة بالحياة، لكننا لم نعد نشعر بالحائط خلفنا. فقلنا:

–         “إنها امرأة.”

قال الشخص الآخر الذي تحدث عن الصناديق:

–         “اعتقد بأنها نائمة.”

ارتعش الجسد تحت أيدينا، وانتفض، وأحسسنا به يفلت منا، ليس كمن يفلت فلا يعود بمتناول اليد، لكنه اختفى فجأة. بقينا للحظة بلا حراك، متجمدين بمكاننا، يسند كلٌّ منا كتفه إلى الآخر. فسمعنا صوتها تقول:

–         “من هناك؟”

–         أجبناها دون أن نتحرك “نحن.”

كان بالإمكان أن نسمع صرير حركة السرير، وصوت حفيف قدميها تبحثان عن الخُفّين في الظلام. تخيلنا أن المرأة جالسة الآن، تنظر إلينا، وهي بين اليقظة والنوم، سألتنا:

 

–         “ما الذي تفعلونه هنا؟”

–         فأجبناها: “لا نعلم! فطيور الكروان فقأت أعيننا.”

فأخذت تقول، بأنها سمعت شيئًا عن هذا الأمر، وأن الصحف كتبت خبرًا عن ثلاثة رجال كانوا يشربون في أحد الساحات حيث كانت هناك خمسة أو ستة طيور كروان، ربما سبعة. وأن أحدهم حاول الغناء كما طيور الكروان، مقلّدًا إياها. “وأسوأ ما في الأمر، أنه كان متأخرًا ساعة بأكملها”، وثم أضافت “حين ذاك قفزت الطيور على الطاولة وأخذت تفقأ بمنقارها الطويل أعينهم.” وقالت إن هذا ما كتبته الصحف، لكن لا أحد يريد أن يصدق ذلك.

فقلنا:

–         “لو كان الناس ذهبوا إلى هناك، لرأوا طيور الكروان بأعينهم.”

فقالت:

–         “لقد رأوها بالفعل. فالساحة كانت مزدحمة بالناس في اليوم الثاني، لكن امرأة أخفت طيور الكروان وأخذتهم بعيدًا لمكان ما.”

حين استدرنا، توقفت المرأة عن الكلام. كان هناك حائطٌ مجددًا. فكلما استدرنا وجدنا حائطًا. حولنا، أو يحيط بنا، كان دائمًا هناك حائط. أفلتَ أحدنا يده من البقية، وأخذ يزحف من جديد، يشمشمُ الأرض:

–         “لا أعلم أين الصناديق الآن، اعتقد بأننا في مكان آخر.”

فقلنا له:

–         “تعال إلى هنا، فهناك شخص يقف بالقرب منا.”

فسمعناه يعود مقتربًا، أحسسنا به ينهض على قدميه أمامنا، ومجددًا أحسسنا بأنفاسه الدافئة تلفح وجوهنا، قلنا له:

–         “تعال إلى هنا، يبدو أن هناك شخص يقف بمحاذاتنا.”

لا بد وأنه قد اتجه حيث أخبرناه، إلى حيث المكان الذي أشرنا إليه. لأنه عاد لنا بعد لحظات وقال:

–         “أظنه صبي صغير.”

 

فأخبرناه:

–         “هذا جيد. اسأله إن كان يعرفنا.”

وحين سأله، سمعنا الصوت الغير مكترث والصغير للصبيّ:

–         “أجل أعرفكم. إنكم الثلاثة الذين أكلت طيور الكروان أعينهم.”

ثم سمعنا صوت شخص بالغ، صوت امرأة بدا يصدر من خلف باب موصد.

–         “ها أنتذا تكلم نفسك.”

فأجابها الصبيّ، دون اهتمام:

–         “كلا! إن الذين أكلت طيور الكروان أعينهم هنا مجددًا.”

ثم سمعنا صوت باب يُفتح، وصوت الشخص البالغ، بدا أقرب من المرة السابقة:

–         قالت “خذهم إلى بيوتهم.”

فقال الصبيّ:

–         “لا أعرف أين يسكنون.”

فقال الصوت البالغ:

–         “لا تكن غبيًا، فالجميع يعلم أين يسكنون، منذ انتزعت طيور الكروان أعينهم.”

ثم واصلت حديثها إنما بنبرة مختلفة، وكأنها توجه الحديث لنا:

–         “ما حدث هو أمرٌ لا يريد أحد أن يصدقه، فالكثير يقول بأنها حادثة ملفقة كي ترتفع مبيعات الصحف. لم ير أحد طيور كروان.”

فقال الصبي:

–         “لكن لن يصدقني أحد لو أخذتهم معي إلى الشارع.”

 

لم نتحرك، كنا في مكاننا نستند إلى الحائط وننصت للمرأة:

 

–         “لن يكترث أحد لو رآكم مع الصبي، فبعد كل شيء، لن يصدق أحد ما سيقوله ولد صغير.”

 

قاطعها صوت الصبي:

–         “لو مشيت معهم في الطريق، وأخذوا يقولون للجميع بأن طيور الكروان فقأت أعينهم، سيقذفني الصبية بالحجارة. فالجميع هنا يقول بأن شيء كهذا لا يمكن أن يحدث.”

كانت هناك لحظة صمت. ثم أُغلِقَ الباب. وتكلم الصبي:

–         “بالإضافة، فإنني منشغل الآن بقراءة الحكايات المصورة لـ تيري والقراصنة.”

فهمس أحدنا:

–         “سأحاول إقناعه.”

وزحف إلى حيث صوت الصبي وقال له:

–         “تعجبني هذه القصص، على الأقل إحكي لنا ماذا حدث لتيري هذا الأسبوع.”

كان يحاول أن يكسب ثقة الصبي، هكذا فكّرنا، لكن الولد قال:

–         “هذا لا يهمني. إني أهتم في ألوان الرسومات.”

فقلنا له:

–         “إن تيري في متاهة.”

فقال الصبي:

–         “ذلك كان الجمعة، أما اليوم فهو الأحد، والشيء الوحيد الذي اهتم به هو الألوان.” قالها بنبرة باردة خالية من أية مشاعر أو تعاطف.

حينما عاد إلينا الآخر قلنا:

–         “نحن تائهون منذ ثلاثة أيام تقريبًا، ولم نأخذ قسطًا من الراحة.”

فقال أحدنا:

–         “حسنٌ، دعونا نرتاح قليلاً، لكن دون أن يفلت أحدنا يد الآخر.”

 

فجلسنا، وبدأت شمسٌ دافئة تبث أشعتها على كواهلنا. لكن وجود الشمس بحد ذاته لم يكن يعنينا بشيء. فلقد كنا نشعر بها بكل مكان، رغم أننا فقدنا الإحساس بالمسافة، والزمن، والإتجاه. حين مرّت أصوات عابرة، قلنا:

–         “إن طيور الكروان فقأت أعيننا.”

فقال أحد العابرين:

–         “انظروا! إنهم يأخذون كلام الصحف بكل جدية.”

اختفت الأصوات، مكثنا حيث نحن، هكذا، نسند كتفًا على كتف، وننتظر، لعل بين تلك الأصوات العابرة، أو الصور الشبحية رائحة أو نبرة صوت نعرفها. كانت الشمس فوق رؤوسنا تمامًا، تبث دفئها فينا.

فقال أحدنا:

–         “دعونا نذهب إلى حيث الحائط.”

رفع الآخرون رؤوسهم باتجاه النور الخفيّ، ودون أن يحركوا أجسادهم:

–         “لا… ليس بعد، فلنمكث هنا قليلاً إلى أن نشعر بالشمس تحرق وجوهنا.”

From: Collected Stories Gabriel Garcia Marquez translated from the Spanish by Gregory Rabassa & J. S. Bernstein  (Penguin Books)

هكذا يولد الشعراء

حينما كان صغيرًا قالوا له: لا تكتب الشِّعر
وحينما صار صبيًّا حذروه: إيّاك إيّاك وكتابة الشِّعر
وحينما اشتد وصار مراهقًا قالوا له: إنّا نتوسل إليك أن تبتعد عن الشِّعر
وعندما أكتمل رجلًا أخبروه: الشِّعر الفصيح يقلق الجيران فلا تكتب الشِّعر
وعندما بات كهلًا جاؤوا له بفتوى: إنّ الشّعر يمحق صاحبه بالنار
فازداد فضوله، وقرر أن يسألهم فقال: لماذا تريدونني ألّا أكتب الشِّعر؟؟؟
فقالوا له: أشعاركَ تتكلم الفصحى ونحن لا نفهم ما تقول
وليس لدينا وقت لنفكر أشعارك عفا عليها الزمن.. أشعارك أقدَمُ من هُبَلْ
أُكتُبْ كما يكتبِ الآخرون

وحين مات.. صاروا يرتلون أشعاره رثاءً في تأبينه… ثم قالوا وهم يمسحون دموعهم وينتحبون: هكذا يولدُ الشعراء

هيلينا يا لعنة اللعنات

لعلّ من أجلِكِ
لا تُدقّ الحصونْ
ولا تبحرُ الأساطيلُ السوداء

ربما من أجلِكِ
لا تُفسّرُ النبوءات
وتبقى المعابد
مزارًا للفضولْ

ولا يُهرقُ التاريخُ
بكؤوسٍ على المذابحْ
ولا يتصاعد دخان البخور
لحاكم السماءْ

لأنكِ تستيقظين محمّلةً كلّ صباح
بأحزانٍ غامضة
ترسلين اللّعنات
على حظٍّ أعمى
لم يهديكِ عينيّ هيلينا
جميلة الجميلات

***
هيلينا اللعنةُ التي
نزلَتْ على الطّرواد
ابنةُ ملِكِ السماء *

كلّ أغاني الحبِّ التي منشأها الحزن
قلتِ
مصيرها الخلود

***

هيلينا يا نذير الشؤم
ليتكِ كنتِ قبيحة القبيحات

لكنكِ لستِ هي
لا زلتِ تحملين أحزان العنقاء
ووجهِ تاريخٍ سيُنسىٰ

حينما استلقينا بالبستان
قلتِ
كيف الجمالُ يدمّرُ الجمال

أنتِ لستِ هيلينا
قلتُ لكِ
لكنكِ لا تهوين
الإنصات

***

هيلينا أكان يجب
أن تهربي تحت جنح الظلام
ها أنتِ تعانقين
كفّ الدمار

هيلينا لقد
فات الأوان

لقد حقّقتِ النبوءات
بأنكِ
لعنة اللعنات

التي ستنزل
على الطّرواد

***

هيلينا أين أخوَيكِ
لا يُغسلُ العارُ بالعارِ
أخواكِ رحلا للسماء
تحوّلا لنجوم الجوزاء**

هيلينا يا لعنة اللعنات

ما كان ضرّكِ لو اتخذتِ
عهد العذراء
لكان هيكتور يحيا في رخاء
يرى ابنه يشبُّ
على الفضائل السمحاء

يُورِّثَهُ التّرس
ليغدو سيد الكماة

ها هو الطفل يُكفَّنُ
بدرع أبيه
بينما طروادة تتحول
لرماد

***

هيلينا انظري ما فعلتِ
كم من دمارٍ بعدكِ خلّفتِ

ليتكِ في آرجوس بقيتِ
تنتظرين زوجكِ مينلاوس****
في فراش العفّةِ
تمزّقين رسائلَ الغاوي
ألكساندروس*****
الذي يدعوكِ دعوة
الزناة

***

هيلينا ماذا تبقّى لنحكي
ماذا استفدتِ

حوّلتِ إليون ******
لمقبرةٍ من الرفات

ولغزٍ

لا نزال

نحاول

تفسيره

بكل اللغات

—الهوامش—

*تحكي الأسطورة أن هيلين هي ابنة زيوس من ليدا

** التوأم كاستور وبوليديكيس هما شقيقا هيلين.. كاستور مروّض الخيول وبوليديكيس الملاكم النبيل.. معظم الروايات الأسطورية تجمع على أن التوأمين تحوّلا إلى نجوم في السماء تهدي البحّارة

*** هيكتور: هو ابن الملك بريام من هيكوبي.. وهو المحارب الطروادي الذي قاتل ببسالة ضد الأغريق.. وقُتل بالنهاية.. زوجته أندروماخي.. وأخوه هو ألكساندروس/ الأمير باريس

**** مينيلاوس: ملك أسبرطة وزوج هيلين التي خُطفت منه.. هو الذي استنهض الجيوش من أجل استعادة زوجته.. واستعان بأخيه أغاممنون..

***** ألكساندروس: أو ألكساندر كما بعض الترجمات هو الأمير باريس الذي اختطف هيلين.. ابن الملك بريام من هيكابي..
تحكي الأسطورة أن الملكة هيكابي عندما كانت حاملًا في ابنها باريس حلمت بأنها أنجبت شعلة من النار تسببت في دمار القصر والمدينة بأكملها.. عندها استفسرت الملكة عن معنى الحلم فنصحها العرافون بالتخلص من الطفل الذي سوف تنجبه.. لكنها اشفقت عليه وأعطته لأحد الرعاة كي يقوم بتربيته بدلًا من قتله. نشأ الطفل شريدًا وسط الجبال يرعى قطعان الماشية.. وكان ماهرًا في المصارعة ومن هنا اكتسب اسم ألكساندروس أو ألكساندر وتعني: محطم الرجال.. لاحقا عاد لأبويه..

****** إليون: مدينة إليون او إليوم باللاتينية هو الاسم القديم لطروادة.. نسبة لـ إيلوس الذي وضع اساس المدينة.. ومنها جاءت تسمية ملحمة “الإلياذة” لـ هوميروس

أين الجواب وأين ردّ رسائلي؟

حين قلتُ لها: اكتبي لي رسالة.. قالت: لا اعرف اكتب الرسائل

رغم كل ما بين أيدينا في هذا الزمن من أوراقٍ من كل شكل، وأقلامٍ من كل لون، وفوق ذاك لدينا البريد الإلكتروني إلا أننا لا نتراسل.. وتختلف الأعذار من شخص لآخر.. البعض يقول “الوقت ضيق لكتابة رسالة” أو يقول “لا أعرف بماذا أجيب”.. رغم أن الرسائل تحمل أكثر مشاعرنا الحميمية إلى الآخر.. لكننا نفضّل عليها الوسائط الباردة السريعة الخالية من المشاعر…

هذه التدوينة اهداء لكل المصابين بخرس الرسائل

“بما أن لديك وقت لدي اقتراح ولك حرية القبول ، اختر ثلاث قصائد لشعراء مختلفين بنفس نمط القصيدة والموضوع يعود لك في اختياره ، عندها اختر بعض الأبيات من الثلاث قصائد واربطها وإن لزم تغيير كلمة أو كلمتين عائد لك”

جاءني هذا السؤال كما هو، من شخص مجهول.. وتبادر لذهني أن أطرق أسهل الأبواب كبداية، كمثلًا الخمريات… أو الرثاء الخ.. لكن أردتُ أن أجمع شيئًا مسليًا، ومفيدًا بنفس الوقت.. فلم أجد مثل: التراسل بين شاعر ومحبوبته.. وأعني هنا، تلك القصائد التي كُتبتْ كرسالة.. فاخترت ثلاثة شعراء.. أبو نواس .. صفي الدين الحلي .. والعباس بن الأحنف.. وانتقيتُ ما رأيته مناسبًا، بما يناسب مزاجاتي (بما أنها مدونتي) وأغلب ما انتقيته من رسائل لم أجد له رد من حبيبة الشاعر.. فاكتفيت بأن يكون ديوان كل شاعر من الثلاثة هو مصدري بالاختيار.. مبتعدًا عن المراجع الكبيرة مثل كتاب الأغاني وما سواه.. لأن ذلك سيتحوّل إلى بحث يعلم الله متى سينتهي!! آملًا أن تكون هذه التدوينة سببًا في تعرّفكم على شاعر جديد.. أو أن تلقي الضوء على شاعر سبق لكم معرفته لكن من زاوية جديدة.. أيًا كان، لندع هذه الترهات جانبًا فكلنا مصابين بخرس الرسائل

استمتعوا بمن لم يكن لديهم لا مدونات ولا دفاتر هيللو كيتو ليكتبوا فيها

أولًا: أبو نواس ( ١٤٥ – ١٩٩ ؟ هـ)

٢٠١٣١٢٠٣-١٤١٨٢٩.jpg

٢٠١٣١٢٠٣-١٤٢٠١١.jpg

٢٠١٣١٢٠٣-١٤٢٣٠٩.jpg

٢٠١٣١٢٠٣-١٤٢٥٢٩.jpg

٢٠١٣١٢٠٣-١٤٢٦٣٠.jpg

ثانيًا: صفي الدين الحلّي (٦٧٧ – ٧٥٢؟ هـ)

٢٠١٣١٢٠٣-١٤٣٠٠٧.jpg

٢٠١٣١٢٠٣-١٥٢٤١٦.jpg

٢٠١٣١٢٠٣-١٥٣١١٢.jpg

٢٠١٣١٢٠٣-١٥٣٢٢٠.jpg

ثالثًا: العباس بن الأحنف ( توفي ١٩٣؟ هـ )

٢٠١٣١٢٠٣-١٦٠٦٢٢.jpg

٢٠١٣١٢٠٣-١٦١٠٣٨.jpg

٢٠١٣١٢٠٣-١٦١٢١٣.jpg

٢٠١٣١٢٠٣-١٦١٣٢٨.jpg

٢٠١٣١٢٠٣-١٦١٦٠١.jpg

٢٠١٣١٢٠٣-١٦١٨٠٤.jpg

٢٠١٣١٢٠٣-١٦١٨٢٨.jpg

٢٠١٣١٢٠٣-١٦١٨٤٨.jpg

هل بإمكانك أن تعيد لي ملامحي؟

ما فائدة انتعال خُفّ الواقع والذهاب إلى مُدن الخيال
أخبريني، من منا جاء أولًا: أنا أم أنتِ؟ قلبي أم خنجر غدركِ؟ قصائدي أم بُغضكِ لي؟
هل تذكرين حين جعلتكِ تحتضنين السماء؟ وكيف كنتُ أحرص أن لا تقع النجوم من بين يديكِ؟ كانت أيامًا جميلة
لكن الآن، السماء بلا نجوم، لا يوجد شيء لنحتضنه فيها.. مجرد ملاءة سوداء تتموج فوقنا ببطء.. وهذا شيء مزعج

أذكر أن القمر كان له توأم.. لا أعرف أين أختفى.. وكنا نستطيع أن ننظر للمجرات دون الحاجة للمراصد العظيمة المتدلية من فوق جبال معزولة.. وأذكر كانت ملامحكِ مشرقة.. ذاك قبل الميلاد.. ميلادكِ وميلادي.. لكن الآن، الأمور باتت مختلفة.. منذ ذاك الصباح الذي استيقظتُ ووجدتُكِ بلا ملامح.. بالبداية الأمر أفزعني، وأصررتُ أن آخذكِ لعيادة اختصاصية.. لكنكِ رفضتِ وأخبرتيني “هذا شيء عادي يحدث كثيرًا!!” لم أفهم ما كنتِ تقصدين حينها.. لكنني لاحقًا فهمت

ذاك حين وجدتُ أن كل من حولي بلا ملامح.. حينها فقط أكتشفتُ أنني كذلك بلا ملامح!! بحثتُ بفزع في الإنترنت عن سبب هذه المشكلة، ولم أجد جوابًا شافيًا.. كانت بعض المواقع تقترح أن من يعاني مشكلة كهذه، عليه أن يشرب الكثير من الشاي الأخضر.. وبعضها كان كان يطالب بالتداوي بالأعشاب.. كانت أغلب المواقع تطرح تخمينات لا أكثر…

هناك رجل قابلتُه بالأمس.. إنه قصير القامة.. فلأكن واضحًا هنا، إنه قزم.. كان يعمل بالسابق ساحرًا في سيرك.. قال لي “الحب هو السبب!!!” وصار يتابع “أننا حين نحب تنمو لنا ملامح، وحين يذوي الحب، ملامحنا تذبل!!”
وأخذ يتابع كلامه بيديه الصغيرتين اللتين تمسكان بلفافة تبغ بدت عملاقة بين اصابعه يقول: “بإمكانك أن تعرف شخص ما إن كان في حالة حب أو لا من ملامحه.. في الحب (ولازال القزم يتابع بشهوة كلامية) ينمو لك أنف وتزهر لك عينان.. وأذنان.. وهكذا حتى تكتمل ملامحك.. انظر إليّ (قال لي وهو يشير لنفسه بطريقة عروض السيرك) لقد كنتُ ذات يوم فارع القامة!!!”

لم أصدّقُه.. فمن ذا سيصدّق ساحر سابق!!!!

لكني حين عدتُ لصور ذكريات أيامنا الأولى في الحب.. بدا كلام القزم منطقيًا.. فقد كانت لكِ ملامح.. وكانت لي أيضًا ملامح..

لهذا أكتب إليكِ.. هل بإمكانكِ أن تُعيدي لي ملامحي لو سمحتِ؟؟

يا عصفور حبيبتي المدلل

يا عصفورَ حبيبتي المدلل
يا رفيقَ لُعبِهَا

ويا من [حبيبتي] تُوسِّدْكَ بحُضْنِها
لتداعبَ منقاركَ الحادّ
برقَّةِ أناملِهَا

لعلّ، حبيبتي، تلاعِبْكَ كلّما اشتاقت لي
لتُطفِئَ نار أشواقِها

آهٍ، ليتني ألعبُ معكَ بالمثلِ
لعلّ أنا أيضًا
أطفئُ نار أشواقٍ إليها

لـ كاتولوس.. شاعر روماني (٨٤ ق.م – ٥٤ ق.م)

ترجمتها بتصرف من ١- ترجمة إنجليزية حرفية للنص اللاتيني

Sparrow, the pet of my girlfriend,
with whom she usually plays, whom in her lap she holds, to whom she gives over her fingertip to your pecking and provokes your sharp bites.
When it pleases her shining with longing for me
to make some quaint joke,
and a little solace for her own anguish,
I suppose, so that then this heavy passion subsides; Could I but play with you as she
and ease the sad feelings of my soul!

Translation Copyright © 1993-2003 By Ulysses K. Vestal

ومن ٢- ترجمة أخرى بالإنجليزية بتصرف

Sparrow, my Lesbia’s darling pet,
Her playmate whom she loves to let
Perch in her bosom and then tease
With tantalising figertips,
Provoking angry little nips
(For my bright beauty seems to get
A kind of pleasure from these games,
Even relief, this being her way,
I think, of damping down the flames
Of passion), i wish i could play
Silly games with you, too, to ease
My worries and miseries.

(Translated by James Mitchie)

وهذا النص الأصلي باللغة اللاتينية

Passer, deliciae meae puellae,
quicum ludere, quem in sinu tenere, cui primum digitum dare appetenti
et acris solet incitare morsus,
cum desiderio meo nitenti
carum nescioquid lubet iocari,
et solaciolum sui doloris,
credo, ut tum gravis acquiescat ardor; tecum ludere sicut ipsa possem
et tristis animi levare curas!

Catullus (48 B.C – 54 B.C)

من الـ مهابهاراتا

مهابهاراتا : ملحمةٌ تمثل جزءًا مهمًا من الميثيولوجيا الهندوسية، وتعدّ من أهم النصوص المكتوبة بااللغة السنسكريتية بالقارة الهندية..
يُعتقد انها تعود للقرن الخامس ميلادي.. ويُنسب تأليفها إلى الشاعر فياسا. مهابهاراتا تعني: حكاية سلالة بهاراتا العظيمة.


المصدر: خزانة الشعر السنسكريتي ترجمة عبدالوهاب أبوزيد هيئة أبوظبي للثقافة والتراث (كلمة) الطبعة الأولى٢٠١٢

استمتعوا..

٢٠١٣٠٩١٠-١٤٣٤٢٣.jpg

٢٠١٣٠٩١٠-١٤٣٤٢٨.jpg

٢٠١٣٠٩١٠-١٤٣٤٣٣.jpg

٢٠١٣٠٩١٠-١٤٣٤٣٨.jpg

٢٠١٣٠٩١٠-١٤٣٤٤٤.jpg

٢٠١٣٠٩١٠-١٤٣٤٤٩.jpg

٢٠١٣٠٩١٠-١٤٣٤٥٥.jpg

٢٠١٣٠٩١٠-١٤٣٥٠٠.jpg

٢٠١٣٠٩١٠-١٤٣٥٠٦.jpg

٢٠١٣٠٩١٠-١٤٣٥١٢.jpg

٢٠١٣٠٩١٠-١٤٣٥١٧.jpg

٢٠١٣٠٩١٠-١٤٣٥٢٤.jpg

ماذا تريدون من عودتي

وماذا تريدون مِنْ عودتي
إلى حيث تُسْفَكُ
قهوتِكُمُ الدّاعرهْ

لتقديمها كالقرابينِ
فوق مذابحْ أمانيكِمُ العاقرهْ

إلى حيث شُيِّدَ للقُبْحِ معبدْ
وتِطوافكُمْ حول أوثانه
دائرهْ

إلى حيث إنْ قيلَ شِعْرٌ
تَعُوذوا إلى اللهِ ممّا اجترحْ
شاعرهْ

سلامٌ على وطنٍ قد تباهىٰ
بأثوابِ قدّيسةٍ كي ليُخفيَ
أخلاقَهُ العاهرهْ

أسطورة المترو وماكياج ميدوزا

أسطورة المترو

بينما كان بيرسيوس يقطع عنق ميدوزا، كان الناس في وطني يقطعون العهود في بذل المزيد من العطاء.. وتشييد المترو.. ومحاولة حل أحجية الزحام. سيبقى بيرسيوس وميدوزا مخلّدَين، ولن يتذكر أحد اسماء اعضاء مجلس الأمة.. لكننا سنتذكر بلا ريب أسطورة المترو العظيم

صيام ككل عام

هل صُمتُمْ رمضان يا بني وطني؟ وقسّمتُمْ الشهر لعشرِ أوائلٍ وعشرِ أواخر؟ هل صُمْتُمْ عن الطعام؟ هذا جيد
لكن، هل صُمْتُمْ عن الأخلاق السيئة؟ هل بإمكانكم الصوم عنها؟ لا أظن ذلك.. فالصحف لا زالت تثبت أنكم لا تفرّقون بين الصوم عن الطعام، والصوم عن الخُلُقِ السّيئ.. كتجربة، حاولوا الصوم عن الأخلاق السيئة، جرّبوا الصوم عن كل ما هو سيئ.. وأولها انعكاس صورتكم بالمرآة

شهرزاد ليست عربية

لكن لا يمكن أن تدخل في عقل بني موطني لتصحّح أفكارًا توارثوها عبر أجيال وأجيال.. إذ لا يمكنكَ أن تقنع مثقفًا واحدًا أن كتابة الشِّعر أصعب من كتابة الرواية.. بل لا يمكنك أن تقنع أحدهم أن الرواية بحد ذاتها قالبٌ أدبيّ ورثناه عن الحضارة الغربية، الأوربية بالتحديد… بإمكان أيّ أحد يعترض بأن في تراثنا العربي ما يدل على وجود بذرة الرواية. إن كنتَ تعني ألف ليلة وليلة، فهي نتاج تزاوج قصص من الحضارة الفارسية، والهند، والصين.. لم تكن ألف ليلة وليلة عربية، وكذلك شهرزاد. لكننا أسياد الشِّعر بلا ندّ، بهذا يجب أن تفتخر، إن شئتَ شيئًا أن تفتخر به أمام صديقكَ الأوربي وأنتَ تلتهم الكورواسون، وتتجرّع قهوةً لا تعرف نطق اسمها، تحت رذاذ سماء مدينة أوربية تكاد من جمالها تبدو كالغزال في وصف شعرائنا الجاهليين، فافتخر بأشعارنا

موسم السفر والثلاجات

ها أنتم ستسافرون يا ابناء وطني هربًا من جنون الاحتباس الحراري.. حاولوا هذه المرة ألّا تذهبوا بتقاليدكم وأعرافكم إلى حيث تتجهون، بل اذهبوا تاركين خلفكم الثلاجة، وأطعمتكم، وملبسكم، والأهم من هذا كله أفكاركم المسبقة عن كل شيء. لا نريد منكم هدايا حين تعودون، إنما نريد أن تعودوا بخصلة حسنةٍ جديدة، أو خُلُقٍ طيّبٍ تكتسبونه من أهل الروم. اخلعوا عنكم “غُتَرَكُمْ” و “عقالكم” لتنطلق الأفكار المحبوسة وتتحرر.. واستمتعوا، واحضروا لنا معكم خير ما أنتجته أخلاق تلك الأمم. إنها فرصة لتجديد أخلاقكم التي لا صومٌ نفع لتقويمها، ولا صلاة

وحين تعودون، حاولوا الالتزام بقوانين بلدكم، كما فعلتم مع قوانين تلك البلاد التي نزلتموها.. على الأقل حاولوا، ولو من باب المحاولة

ويا بنات وطني، كُفّوا عن تقليد ماكياج ميدوزا، ففي البساطة يكمن الجَمال

آه، بالنسبة لمثقفي وطني العتاة، أدعوهم من جديد للاستماع إلى ألبوم “ثريللير” للراحل مايكل جاكسون